أنواع الشرك

 

>> صفحات خاصة >> رمضان 2011

أولاً: الشرك الأكبر:
1- شرك الدعاء: وهو دعاء غير الله من الأنبياء والأولياء، لطلب رزق أو شفاء مرض أو غير ذلك لقوله تعالى: (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ) [يونس: 106]، والظالمين: المشركين.

2- شرك النية وإرادة القصد: هو أن ينوي ويريد ويقصد العبد بعمله جملةً وتفصيلاً غير الله، وهو شرك في الاعتقاد؛ لقوله تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [هود: 15، 16].

3- شرك المحبة: وذلك بأن يحب مع الله غيره كمحبته لله أو أشد أو أقل. ولأن المحبة مستلزمة لغاية الذل والخضوع؛ كما قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) [البقرة: 165].

4- شرك الطاعة: هو مساواة غير الله بالله في تشريع الحكم، إذ الحكم هو حق من حقوقه تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّه) ومثل ذلك الذين يطيعون علماءهم ومشايخهم في المعصية مع استحلال ذلك، قال تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) [التوبة: 31]، وقد فسرها النبي في حديث عدي بن حاتم في «سنن الترمذي»: بطاعتهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال. فمن ادعى أن لأحد حق التشريع فقد كفر بما أُنزل من عند الله. قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44]، فلا أمر ولا نهي إلا لله وحده، قال تعالى: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) [الأعراف: 54] وأشار إلى ذلك بقوله: (أَلَا لَهُ) وعليه فلا يجوز نسبته لغيره، ومن نسبه لغيره كان مشركًا بالله الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام.
وكما أنه تعالى هو خالق الخلق ومربيهم بالنعم فهو صاحب الحق في أن يحكم في جميع تصرفاتهم، والصانع أعلم بما يصلح صنعته، وأما غيره فإنه مخلوق وهو أجهل من أن يعرف خفايا نفسه فضلاً أن يصلح الخلق جميعًا؛ فالتشريعات الوضعية باطلة ولا يجوز التحاكم إليها، فلا شرع إلا لله ولا حكم لسواه قال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 50]. فجعل الحكم بغير ما أنزل حكمًا بأحكام الجاهلية، وأوضح سبحانه وتعالى أنه لا أفضل ولا أجل من حكمه لمن آمن به.

5- شرك الحلول: وهو الاعتقاد بأن الله حل في مخلوقات، وهذه عقيدة ابن عربي الصوفي ومن تبعه في ضلالته. ومن أقوالهم قاتلهم الله:
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا    وما الله إلا راهبٌ في كنيسة

6- شرك التصرف: هو الاعتقاد بقدرة الأنبياء والصالحين والأولياء على التصرف في الكون. وليس هناك ما يمنع من أن نذكر الصالحين والرسل بما يستحقونه من فضائل، ولكن المحظور هو أن نجعل لهم شيئًا من حقوق الله الخاصة به، من القدرة والتصرف والضر والنفع مع الله تعالى. وهذه من الشرك في الربوبية، وحتى كفار قريش لم يقعوا بهذا الشرك. قال تعالى: (وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ) [يونس: 31].

7- شرك الخوف: هو الاعتقاد بأن غير الله تعالى يضر وينفع، أو التسوية بين الله تعالى وغيره في الخشية، كالخوف من تصرف بعض الأموات في الأحياء، أو خوف عملي يؤدي إلى ترك الواجبات. أما الخوف الطبيعي: كالخوف من الحيوان المفترس والظالم وغيرها فجائز شرعًا. وقد وصف الله نبيه موسى بالخوف فقال: (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ) [القصص: 21].
وعكس هذا الخوف: هو خوف الواجب، وهو الخوف من الله غاية الخوف ومنتهاه.

8- شرك التوكل: والتوكل هو تفويض الأمر إلى الله والاعتماد عليه في تحصيل المطالب. قال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ) [الفرقان: 58] بهذا لا يجوز أن يكون التوكل على غير الله. ومن التوكل الشركي: الاعتماد بالقلب على غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، أو الاعتقاد بأن المخلوق يمكن له أن يرزق المخلوق، أو أن يمنع عنه الرزق.
 

ثانيا: الشرك الأصغر:

9- الشرك الأصغر القوليّ: وهو ما كان باللسان: كالحلف بغير الله، وقول «ما شاء الله وشئت»، وقول: «قاضي القضاة»، والتعبيد لغير الله؛ كعبد النبي وعبد الحسين وغيرها. فهذا يعتبر تعظيمًا لغير الله.

10- الشرك الأصغر الفعليّ: كالتطير: وهو امتناع المسلم عن فعل شيء بسبب التشاؤم من شيء كان قد رآه أو سمعه؛ كالتشاؤم من بعض الحيوانات أو الطيور أو الأيام، وكذلك إتيان الكاهن وتصديقه ،والاستعانة على كشف السارق ونحوه بالعرافين، ومنه تصديق المنجِّمين والرحالين وغيرهم من المشعوذين.

11- الشرك الأصغر القلبيّ: كالرياء والسمعة وإرادة الدنيا ببعض الأعمال.

والرياء أربعة أنواع:
1- أن يكون قصده بالعمل هو الجزاء عليه في الدنيا، وليس طلب الآخرة؛ فهذا يعطى نصيبه في الدنيا وليس له في الآخرة نصيب، وهذا الشرك الأكبر.
2- أن يقصد بعمله الناس؛ فهذا من الرياء بالأعمال والسمعة بالأقوال، وهو شرك أصغر.
3- أن يقصد بالعمل الصالح المال، كأن يحج لمال يأخذه، أو لزوجة يريدها، أو يجاهد من أجل الغنيمة، أو يتعلم من أجل المنصب.
4- أن يكون العمل الصالح مخلصًا لله فيه، لكنه قد وقع في إفساده، كما قال تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة: 27] فهذا لا ينفعه عمله في الآخرة. فسبب فساد الأعمال هو وجود الكفر والشرك اللذان يضدان الإيمان والتوحيد، فلا إيمان ولا توحيد إلا بعمل خالص موافق لما جاء به الرسول.

ثالثًا- الشرك الخفي:
وقد فسره ابن عباس رضي الله عنهما بقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت. ومثله: لولا الله وفلان. والصحيح أن نقول: (لولا الله ثم فلان، وما شاء الله ثم شئت)، وكذلك خطأ من يقول توكلت على الله وعليك. والصحيح: (توكلت على الله ثم عليك)؛ لأن حرف الواو يساوي بين الله والشخص وهذا من الشرك، أما كلمة «ثمَّ» فتفيد الترتيب.
وكفارة الشرك الأصغر والخفي: حديث النبي : «اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئًا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه» [صحيح: رواه أحمد]. وقال : «من حلف فقال في حلفه: باللات والعزَّى فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعالى أقامرك فليتصدق» [متفق عليه].


كشف الأثرية عن بعض الأعمال الشركية
وبما أنَّ الأعمال الشركية لا حصر لها، رأيت أنه من اللازم كشف بعضها مما هو منتشر بين الناس، وقد تخفى على كثيرهم، ومنها:
1- السحر والشعوذة: هو عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والأبدان، فتمرض وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه، وحكم الساحر: كافر خارج عن ملة الإسلام، والسحر كفر مخرج من ملة الإسلام. والعياذ بالله.

2- الكهانة: هي طلب العلم بالمستقبل والإخبار عما في الضمير، فالكاهن مدع للعلم بالغيب، والغيب لا يعلمه إلا الله. والكاهن كافر بالله كفرًا أكبر لادعائه علم الغيب، ومن أتاه مصدقًا أنه يعلم الغيب كفرَ كفرًا أكبر.

3- النشرة: هي حل السحر عن المسحور وهي نوعان: الأول: حل السحر عن المسحور بسحر مثله، وهو محرم فهو كفر أصغر. الثاني: حل السحر بالأدعية والرقى المباحة من القرآن والسنة فهذا جائز.

4- التنجيم: هو الاستدلال بالنجوم والأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية، بأن تجعل أسبابًا مؤثرة لها؛ فإن اعتقد أنها الفاعلة أو المؤثرة، فهو مشرك شركًا أكبر مخرجًا عن ملة الإسلام؛ لأن الحكمة من خلق النجوم أنها زينة للسماء الدنيا وعلامات يهتدي بها المسافر، ورجوم للشياطين، كما أخبرنا تعالى في كتابه الكريم. وإن اعتقد أنها مقارنة للحوادث الأرضية لا تفارقها فهو مشرك شركًا أصغر ينافي كمال التوحيد.

5- التمائم: وهي ما يعلق على الأعناق وغيرها لجلب نفع أو دفع ضر. سواء كانت من القرآن أو الخيوط أو الخرز أو الحصى ونحوها.
والتمائم نوعان:
النوع الأول: ما كان من غير القرآن، وهي محرمة شرعًا، فمن كان يعتقد أنها فاعلة أو مؤثرة فهو مشرك شركًا أكير. وإنما حرمت التمائم لما فيها من تعلق القلب بغير الله والتوكل على غيره، وفتح باب الاعتقادات الفاسدة حول الأشياء المؤدية إلى الشرك الأكبر.
النوع الثاني: ما كان من القرآن: وقد اختلف فيه السلف على قولين: فمنهم من أجازه، ومنهم من حرَّمه. والحق فيما يظهر مع المحرِّم، لعموم الأدلة في تسمية التمائم شركًا؛ فلم نفرق بين ما كان من القرآن وبين ما كان من غيره، وإجازتها فتح للباب أمام النوع المتفق على تحريمه. والله أعلم.

6- الرقى: جمع رقية، وهي العوذة التي يرقى بها المريض، فالرقية هي ما يقرأ على المريض سواء كانت من القرآن أو الأدعية النبوية. ومن شروط الرقية المباحة: أن تكون باللسان العربي، ومفهومة المعنى، وألا تشتمل على شيء غير مباح، كالاستعانة بغير الله، وأن يعتمد عليها، ويجب أن يعتقد أنها لا تؤثر بذاتها بل بإذن الله القدير. فإن اختل شرط من تلك الشروط فهي رقية محرمة

7- لبس الحلقة والخيط ونحوها لرفع البلاء أو دفعه: الضر والنفع بيد الله جل وعلا؛ لأنه هو القادر عليه دون سواه، ومن اعتقد بأن شيئًا من هذا يدفع الضر أو يجلب النفع فقد أشرك شركًا أكبر، وأما ما اعتقد مقارنته وعدم انفكاكه عن النفع والضر فهو شرك أصغر.

8- الطواف بالقبور: وهو من المخالفات الشركية التي يقع فيها كثير ممن يجهلون حقيقة توحيد العبادة لله سبحانه، والطواف بالقبور فيه تعظيم للمقبور وعبادة له؛ لأن الطوافَ عبادةٌ لم يأذن بها الله جل وعلا إلا في البيت العتيق وهو الكعبة المشرفة؛ قال تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)؛ أما الطواف بغير الكعبة فهو من الشرك بالله، والطواف صلاة، والصلاة عند القبور لا تشرع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك»، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتَّخذون القبور مساجد».

9- سوءُ الظن بالله جل وعلا: فإن مقتضى الإيمان بالله ومعرفته سبحانه أن يكون المؤمن حسن الظن بربه يوقره في أفعاله وقلبه ولا يظن به إلا خيرًا فإن ذلك مقتضى الإيمان بعدله ورحمته ولطفه وبره وإحسانه وإنعامه، ومن لم يتأمل قلبه هذه الصفات ساء ظنُّه.
ومن صُور سوء الظَّنِّ بالله القنوط من رحمته سبحانه واليأس من عفوه ونصره: وقد عاب الله جل وعلا هذا القنوط واليأس وجعله من صفات أجهل الخلق بالله وأبعدهم عن معرفته وهم الكفار فقال تعالى: (وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ).
ومن صور الظَّنِّ بالله أيضًا: الاستعجال في الدعاء وتركه يأسًا من الاستجابة؛ ويُعَدُّ هذا الظَّنُّ من موانع الإجابة؛ كما جاء في الحديث؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل». قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: «يقول قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء»
يقول ابن رجب الحنبليُّ: «فالعبد لا يستعجل في عدم إجابة الدعاء؛ لأن اللهَ قد يؤخِّر الإجابةَ لأسباب: إما لعدم القيام بالشروط أو الوقوع في الموانع، أو لأسباب أخرى تكون في صالح العبد وهو لا يدري؛ فعلى العبد إذا لم يستجب دعاؤه أن يراجع نفسه ويتوب إلى الله تعالى من جميع المعاصي، ويبشر بالخير العاجل والآجل، والله تعالى يقول: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)؛ فما دام العبد يُلحُّ في الدُّعاء ويطمع في الإجابة من غير قطع فهو قريب من الإجابة، ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له»